What do you think?
Rate this book
108 pages, Hardcover
First published October 30, 2013
أقرأ و أقرأ و أقرأ و لا أفهم شيئا و كأنني أتخبط في الظلام حتى إذا وقعت يدي على الفقرة المفتاحية للرواية أضاءت لي ما فات من الصفحات و كانت دليلي فيما هو آت.
أدركنا منذ زمن طويل أنه لم يعد بالإمكان قلب هذا العالم أو تغييره إلى الأفضل. و لا إيقاف جريانه البائس إلى الأمام. لم يكن هناك سوى مقاومة وحيدة ممكنة. ألّا نأخذه على محمل الجد.
حواء. المرأة الأولى لم تولد من رحم إنما من نزوة الخالق. و من فرجها هي. فرج غمرأة بلا سرة خرج أول حبل سري. و إذا كنت تؤمن بالكتاب المقدس فقد خرجت من فرجها حبال أخرى يتشبث بطرف كل واحد منها رجل صغير أو امرأة صغيرة. كانت أجساد الرجال تقطع المتوالية و لا تقدم أي فائدة بينما من فرج كل امرأة كان يخرج حبل أخر و في نهايته امرأة أخرى أو رجل أخر. و تكرر هذا ملايين و ملايين المرات و تحول إلى شجرة عظيمة. شجرة مؤلفة من عدد لا نهائي من الأجساد. شجرة تطاول أغصانها عنان السماء. تخيل أن هذه الشجرة العملاقة متجذرة في فرج امرأة واحدة صغيرة. المرأة الأولي. حواء المسكينة التي ليس لديها سرة.رغم انها رواية صغيرة الا ان براعة كونديرا في رسم خطوط متشابكة بين الفلسفة و السياسة و الحياة بطريقة سريالية ساخرة كانت متعة حقيقية بعد استيعاب موضوع الرواية و زوال دهشة البدايات الغامضة العجيبة.
عندما أصبحت حامل رأيت نفسي جزءا من هذه الشجرة. معلقة بأحد حبالها. و أنت قبل أن تولد تخيلتك تحلق في الفراغ. متعلقا بحبل يخرج من جسدي. و منذ تلك اللحظة حلمت بقاتل موجود هناك في الأسفل. يذبح المرأة بلا سرة. تخيلت جسدها يحتضر. يموت. يتفسخ. حتى أن هذه الشجرة العملاقة التي تنبت منها أصبحت فجأة بلا جذور و لا أساس. و أخذت تتهاوى. و شاهدت عددا من أغصانها ينهمر كمطر غزير. افهمني جيدا. ليس اكتمال التاريخ الإنساني هو ما حلمت به و لا الفاء المستقبل . لا . لا . ما تمنيته هو الإختفاء الكلي للبشر. مع مستقبلهم و ماضيهم. مع بدايتهم و نهايتهم. مع كل فترة وجودهم. مع ذاكرتهم برمتها. مع نيرون و نابليون. مع بوذا و المسيح. تمنيت الفناء الكلي لشجرة متجذرة في بطن صغير. بلا سرة لأول امرأة حمقاء لم تكن تعرف ما تفعله. و أي أهوال كلفنا جماعها البائس الذي لم يمنحها أي متعة بالتأكيد.
هناك من التصورات عن العالم بقدر ما يوجد من أشخاص على الكوكب. و هذا يخلق الفوضى حتما. فكيف السبيل إلى ترتيب هذه الفوضى؟ الإجابة واضحة. بفرض تصور واحد على جميع الناس. و لا يمكن فرضه إلا بإرادة واحدة. إرادة واحدة عظيمة. إرادة فوق جميع الإرادات. و أؤكد لكم أن الناس في ظل إرادة عظيمة تنتهي إلى الإعتقاد بأي شيء.شوبنهاور أم كانط
التفاهة يا صديقي هي جوهر الوجود. إنها معنا على الدوام و في كل مكان. إنها حاضرة حتى في المكان الذي لا يرغب أحد في رؤيتها فيه.: في الفظائع. في المعارك الدامية. في أسوأ المصائب. و هذا غالبا ما يتطلب شجاعة للتعرف عليها في ظروف دراماتيكية للغاية و لتسميتها بإسمها. لكن ليس المقصود التعرف عليها فقط. إنما يجب أن نحبها. التفاهة. يجب أن نتعلم حبها. انظر يا صديقى. انها حاضرة بكل بداهتها. بكل برائتها و بكل جمالها. أجل جمالها. و كما قلت أنت نفسك. الحيوية الكاملة.... و غير المجدية تماما.
“We’ve known for a long time that it was no longer possible to overturn this world, nor reshape it, nor head off its dangerous headlong rush. There’s been only one possible resistance: to not take it seriously.”